يمكنك أن تتعرف على طبيعة المرأة وشخصيتها من خلال بيتها ونكهة بيتها وروح بيتها فالبيت هو السكن، الجنة التي يستقر فيها الزوج بعد يوم شاق، وهو الملاذ للأولاد من مخاطر العالم، وحينما يقول الله سبحانه: (وقرن في بيوتكن) دلالة على تأكيد ملازمة المرأة بيتها، فهي الشمس التي تبعث الدفء في البيت، هي الدينامو الذي يحرّك نظام البيت، هي الحضن المريح الذي يستقر فيه كل فرد، ونجاح المرأة وكفاءتها تقاس بمدى قدرتها على إدارة هذا البيت بشكل هادئ وحكيم بحيث يشعر كل فرد فيه أنه مبتهج ومرتاح وسعيد.
كتب لي أحد الأزواج وهو أستاذ جامعي رسالة يشتكي فيها من فوضى زوجته، إذ يقول: (عندما أدخل البيت ينقبض قلبي وتنكمش روحي، الفوضى في كل مكان، روائح الطبخ في غرفة النوم، وزوجتي تنثر ملابسها على السرير وجواربها على المنضدة التي أضع عليها عطوري، أفتح الثلاجة وإذا بأكوام من الأطباق القديمة وضعت بإهمال، أقراص الخبز تترك منذ الليل وحتى الصباح على طاولة المطبخ، ثيابي موزعة في خزانات الأولاد، البيت بمجمله فوضى في فوضى، حاولت أن أعلمها، أنصحها دون جدوى فهي لم تتعلم ألف باء النظافة والتنسيق، عندما تخرج تتأنق وتتزين وتظهر أمام الناس بأجمل مظهر ولا أحد يعرف الخراب الذي أعيشه).
أعتقد أن المرأة التي لا تبذل ذاتها في بيتها وتعتبره مملكتها الأهم هي امرأة غير سويّة وعليها أن تنتبه لأن إهمال البيت عامل طارد للزوج ومنفر للقلب، فالرجال يقارنون النساء ببعضهن البعض.. ليس في الشكل فحسب بل في كل المهارات وأساليب الحياة وحتى البيوت من حيث تنظيمها وتنسيقها وتجميلها.
هناك نساء يتدفقن حيوية وحياة أضفن على بيوتهن ذلك الرونق الجميل والتناسق البديع والروح الخضراء والأريج الفوّاح فكانت بيوتهن دوحاً مغرداً، منعشاً، جذاباً للزوج والأبناء وفتحن أبوابهن وقلوبهن للناس عبر إقامة الولائم فكان بيتاً مباركاً يشف عن امرأة خيّرة وروح نقيّة، ونفس جميلة، وعقلية منظمة وإدارية ناجحة.
وهناك بيوت مقفرة كالقبور، موحشة كالصحراء، غارقة في الفوضى والعتمة، حينما تدخل فيها ينقبض قلبك وينزعج خاطرك وتجفل نفسك لأن صاحبة هذا البيت تحمل داخلها نفساً مشوهة وروحاً قبيحة لا تعرف الجمال والتنسيق والحياة، ولهذا تراه بيتاً خاوياً ساكناً لا يدخل فيه أصحابه إلا ليأكلوا ويناموا فقلوبهم شتى وأرواحهم في غربة.
إنها دعوة لكل امرأة كي تتصالح مع بيتها وتكتشف مواطن القصور فيه!